بعد تعطّل المفاوضات لمدة أسبوع نتيجة تغيير في تشكيلة الوفد الروسي، يعقد الأخير، اليوم الجمعة، اجتماعاً في درعا جنوبي سورية مع ممثلي لجنة التفاوض المركزية، فيما استبقت قوات النظام الاجتماع بإغلاق الحاجز الوحيد المتبقي لتنقل الأهالي من درعا البلد، ما اعتبر مؤشرا على نية النظام التصعيد.
وأكد المتحدث الرسمي باسم لجنة التفاوض المركزية عدنان المسالمة، لـ"العربي الجديد"، أن اجتماعاً سيعقد اليوم مع الوفد الروسي بقيادة الضابط "اندريه" الذي جرى تعيينه خلفاً للضابط السابق أسد الله.
وكان الوفد الروسي وصل، أمس، إلى ريف درعا الشرقي والتقى بعض قيادات "اللواء الثامن"، التابع للفيلق الخامس، المدعوم من روسيا، حيث جرى بحث التطورات الأمنية في المنطقة، خاصة الهجمات التي تتعرض لها الحواجز والنقاط العسكرية هناك، دون معرفة تفاصيل ونتائج الاجتماع. كما عقد الوفد الروسي اجتماعاً مع ممثلين من لجنة التفاوض عن الريف الغربي في الملعب البلدي بمدينة درعا.
ونقلت وكالة "نبأ" المحلية عن مصدر حضر الاجتماع قوله إن الضباط الروس الذين حضروا الاجتماع، وعلى رأسهم اندريه، إضافة إلى رئيس قسم المصالحة في الجنوب السوري العقيد أليكسي سافينكون، أكدوا أنهم يسعون لتثبيت التهدئة في درعا والعودة لبنود الاتفاق الأخير، واستكمال ملفي تسليم السلاح وتسوية أوضاع المطلوبين للنظام.
وزار الوفد الروسي، صباح أمس الخميس، حواجز عسكرية تابعة للواء الثامن في الريف الشرقي، ودار حديث مع بعض قيادات اللواء والمسؤولين عن الحواجز، حول الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها قوات النظام في المنطقة.
وحسب المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن الوفد الروسي سيجري مباحثات مع لجان التفاوض وضباط النظام في درعا للخروج بصيغة من المقترحات والمطالب، على أن يتم العودة بها إلى العاصمة دمشق للتشاور ومن ثم إقرارها إذا وافقت عليها كل الأطراف.
ويسود في درعا منذ، مساء أمس، هدوء حذر بعد أيام من القصف والاشتباكات بين قوات النظام ومقاتلين معارضين على محاور عدة في المدينة والريف الغربي، فيما تمركزت مجموعات من الفرقة 15 التابعة للنظام في مواقع عدة بمنطقة الشيّاح في السهول الجنوبية لمدينة درعا.
وفي تطور اعتبر مؤشر تصعيد من جانب النظام، أغلقت قوات النظام، مساء أمس الخميس، حاجز "السرايا"، والذي يعد آخر المعابر باتجاه أحياء درعا البلد، والنقطة الفاصلة مع مركز محافظة درعا، بشكل نهائي.
وذكر موقع "تجمع أحرار حوران"، أن قوات تابعة لفرع الأمن العسكري بدرعا، وأخرى للفرقة 15، أغلقت حاجز السرايا بشكل نهائي، أمام الأهالي الراغبين بالخروج من الأحياء المحاصرة في درعا البلد، طريق السد، ومخيمات اللاجئين.
واعتبر الموقع أن الإغلاق يشير إلى نية النظام في التصعيد، حيث تعتبر هذه الخطوة من آخر الإجراءات قبيل تنفيذ أية هجمة عسكرية، مشيراً إلى أنه جاء في هذا التوقيت لزيادة الضغط على الأهالي واللجان المفاوضة من أجل القبول بمطالب النظام.
وكان الحاجز هو المعبر الوحيد للأهالي الراغبين بالوصول إلى حي درعا المحطة، هرباً من محاولات النظام المتكررة لاقتحام المنطقة، بالرغم من فرض مبالغ مالية من قبل عناصر الحاجز على الراغبين بالمغادرة.
وتفرض قوات النظام والمليشيات الإيرانية الموالية لها، حصاراً على أحياء درعا البلد وحي طريق السد، منذ 24 يونيو/ حزيران الفائت، وتمنع إدخال المواد الغذائية إليها، الأمر الذي أدى إلى نفاد أصناف واسعة منها، فضلاً عن انقطاع مادة الخبز والأدوية وحليب الأطفال، في وقت يعاني الأهالي من عدم وجود نقطة طبية ترعى المرضى والمصابين.
وكانت وكالة "سبوتنيك" الروسية ذكرت، أمس الخميس، أن قوات النظام أوقفت عملية عسكرية مرتقبة في حي درعا البلد وبلدات أخرى في ريف المحافظة الغربية، وذلك استجابة لمبادرة قدمتها روسيا.
ونقلت الوكالة عن مصادر لم تحددها قولها إن قوات النظام أقرت "وقفاً تاماً وفورياً لإطلاق النار، عقب ورود المقترح الروسي مساء الأربعاء الماضي"، والذي وصفته المصادر بأنه "محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة، دون الإخلال بحق الرد الحازم على أي اعتداء يستهدف أحياء المدينة أو النقاط الأمنية والعسكرية المنتشرة في ريف المحافظة".
وذكرت أن المقترح الروسي يتضمن "وضع آلية لحل سلمي لملف المسلحين المتحصنين في حي درعا البلد، وفق برنامج زمني محدد"، موضحة أن المقترح يتضمن عدة بنود، منها تسليم أبناء الحي أسلحتهم وفق بنود اتفاق المصالحة الذي عقد برعاية روسية في عام 2018، وخروج المسلحين الرافضين للاتفاق إلى شمالي سورية.
ووفق المصادر التي تنقل عنها الوكالة، فإن المقترح الروسي "هو آخر الحلول السلمية التي يمكن العمل بها تفادياً للعمل العسكري الذي قد يفرض نفسه في حال عدم امتثال المجموعات المسلحة لبنوده"، مضيفة أنه "خلال الأيام القليلة المقبلة، سيتم اعتماد الحل المتاح لملف درعا البلد بشكل كامل".
ومنذ 28 من يوليو/تموز الماضي تشن قوات النظام والمليشيات الداعمة لها حملة عسكرية، بهدف السيطرة على منطقة درعا البلد المحاصرة، تضمنت قصفاً عنيفاً بالصواريخ والمدفعية الثقيلة، فضلاً عن محاولات اقتحام مستمرة لأحيائها، في ظل مقاومة مستمرة لأبناء المدينة.
ومنذ ذلك التاريخ، تمنع قوات بشار الأسد إدخال المواد الغذائية إلى أحياء درعا البلد، ما أدى إلى فقدان أصناف واسعة من الأغذية، وانقطاع الخبز، ومياه الشرب والكهرباء.
مزيد من التفاصيل