نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للصحفية هبة صالح، قالت فيه إنالهزيمة الكبيرة في الانتخابات التي لحقت بحزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربيفي أيلول/ سبتمبر، والتي قادت الحكومة لعقد من الزمان، تشير إلى نهاية حقبة بدأتفي خضم الانتفاضات العربية في عام 2011.
للحد من مخاطر الاضطرابات مع امتداد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية فيالمنطقة إلى المغرب، تنازل الملك محمد السادس عن المزيد من الصلاحيات للبرلمانالمنتخب، على الرغم من بقاء السيطرة النهائية في يديه.
لم يكن تعيين حزب إسلامي لقيادة الحكومة أمرا يمكن تصوره قبل عام 2011، لكنبموجب التنازلات المنصوص عليها في الدستور المعدل، التزم الملك باختيار رئيس وزراءمن أكبر حزب في البرلمان.
لكن في الآونة الأخيرة، مع تحول الناخبين والدوائر الملكية ضد الإسلاميين،عادت الحكومة إلى الأحزاب القريبة من القصر، ما يشير إلى مزيد من السيطرة الملكيةعلى السياسة، كما يقول بعض المراقبين.
يقول محمد مصباح، رئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات: "كأننا عدناإلى ما قبل 2011.. تم طي الصفحة. الإسلاميون ليسوا خارج السلطة فحسب، بل هم خارجاللعبة. مع عدد المقاعد التي حصلوا عليها [13 من 395] أصبحوا غير ذوي أهمية".
رئيس الوزراء الجديد هو عزيز أخنوش، وهو مستورد للنفط ورجل أعمال مليارديروعضو في النخبة، حيث فاز حزب التجمع الوطني للأحرار (RNI) في انتخابات الشهر الماضي.
ويقول بعض المحللين إن أخنوش، الذي كان وزيرا للزراعة منذ 2007، وزملاءه فيحزب التجمع الوطني للأحرار، ومن بينهم العديد من رجال الأعمال، سيكونون قادرين علىإطلاق إصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار.
اقرأ أيضا: انتخاب رئيس جديد للبرلمان في المغرب عن حزب "الأحرار"
من ناحية أخرى، يشعر المنتقدون بالقلق من ضعف المعارضة داخل البرلمان. كماأنهم يخشون تضارب المصالح الناشئ عن تكليف أعضاء أقوياء من مجتمع الأعمال بمسؤوليةالحكومة.
كتب تشارلي روبرتسون، كبير الاقتصاديين العالميين في رينيسانس كابيتال، فيمذكرة بعد الانتخابات: "عادت الأحزاب المؤيدة للأعمال التجارية، وهذا يمنحناالأمل في أننا سنعود إلى الموقف الأكثر تأييدا للإصلاح 2011-16". وكان يشيرإلى الإصلاحات المالية وخفض الدعم الذي سنته حكومة حزب العدالة والتنمية الأولى،والتي قال إن الحكومة التي تلتها للحزب تراجعت عن بعضها.
كما يشارك في الائتلاف مع أخنوش حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أسسه صديقللملك، وحزب الاستقلال، وهو حزب قومي قديم شارك في النضال من أجل الاستقلال ضدفرنسا. يتمتع الائتلاف بأغلبية مريحة مع 270 مقعدا من أصل 395 مقعدا في البرلمان.
يقول مصباح: "لن تكون هناك معارضة تقريبا في البرلمان، وهو ما لا وجودله في أي ديمقراطية.. في المغرب، كان هناك دائما نوع من التوازن، حتى لو كانتالمعارضة ضعيفة. ستكون لدينا حكومة قوية للغاية يمكنها أن تمرر أي قوانين، وستضمرجال أعمال ذوي مصالح كبيرة".
وعد رئيس الوزراء الجديد بخلق مليون وظيفة لإنعاش الاقتصاد بعد الوباء، منخلال برنامج الأشغال العامة ودعم رواد الأعمال.
وزعم حزب العدالة والتنمية حدوث مخالفات في الانتخابات، وهو ما نفته وزارةالداخلية. يقول مراقبون إن حزب التجمع الوطني للأحرار الثري كان قادرا على توظيفشبكات رعاية من الوجهاء المحليين في الريف لضمان حصوله على الأصوات، وهي ممارسةمعتادة في المغرب.
ومع ذلك، يقول البعض إنه بعد 10 سنوات من قيادته للحكومة، فقد حزب العدالةوالتنمية الدعم الشعبي، حتى بين قاعدته الإسلامية الأساسية، وإن هزيمته فيالانتخابات كانت انعكاسا حقيقيا لتصور الناخبين بأن الحزب غير فعال، وغير قادر علىتحقيق وعوده الانتخابية السابقة بالوقوف في وجه الفساد والاستبداد.
يقول رجل الأعمال كريم التازي: "من الواضح أنهم غير قادرين على إدارةالاقتصاد، ويفتقرون إلى الإرادة لدفع تفسير ديمقراطي للدستور.. كان همهم الوحيد أنيقبلهم القصر، ولم يستخدموا كل الصلاحيات التي لديهم".
يستشهد المحللون بأمثلة نفرت الناخبين، بما في ذلك اتفاقية التطبيع معإسرائيل التي وقعها العام الماضي سعد الدين العثماني، رئيس وزراء حزب العدالةوالتنمية، في مقابل اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الأراضيالمتنازع عليها في الصحراء الغربية.
كما يأتي اختفاء المعارضة في البرلمان على خلفية حملة قمع ضد التعبير عنالمعارضة في السنوات الأخيرة، أدت إلى سجن العديد من الصحفيين المستقلين بعدمحاكمات بتهمة ارتكاب جرائم جنسية.
وصفت هيومن رايتس ووتش محاكمة الصحفي الاستقصائي عمر الراضي بتهمة الاغتصاببأنها انتهاك للنظام القضائي "لإسكات الأصوات الناقدة القليلة المتبقية فيالإعلام المغربي". وحكم عليه في تموز/ يوليو بالسجن ست سنوات.
قال مسؤولون مغاربة إنه لم تتم محاكمة أي شخص بسبب إبداء آرائه، وإن من حوكمقد خالف القانون.
وقال عمر الحياني، العضو المنتخب في المجلس المحلي للعاصمة الرباط، ممثلالاتحاد اليسار الديمقراطي، إن غياب المعارضة وقمع الإعلام قد يهدد الاستقرار.
وقال: "الخطر هو أن تنتقل المعارضة إلى الشارع. سيكون هناك أشخاصسيعارضون الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية التي ستجريها الحكومة. أو يمكننا أن نرىالمزيد من الإجراءات مثل مقاطعة 2018".
مزيد من التفاصيل