يعودالحراك الأردني إلى الشارع مجدداً، مع دعوة أحزاب وقوى وطنية إلى التظاهر في 12 تشرينالثاني/ نوفمبر الجاري، بعد صلاة الجمعة أمام المسجد الحسيني بوسط العاصمة عمان، للمطالبةبوقف تفعيل قانون الدفاع، واحتجاجاً على سياسة رفع أسعار السلع والمحروقات.
وحثكل من الحركة الشعبية للتغيير (تغيير) وحزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب المستقبل الأردني،وحزب الشراكة والإنقاذ، وحزب أردن أقوى، والحراك الأردني الموحد، في بيان "جميعالمواطنين والمواطنات والفعاليات الشعبية والوطنية والحزبية، إلى "التظاهر"بهدف "إيصال رسالة واضحة إلى أصحاب القرار في الدولة، مفادها رفض غالبية شرائحالمجتمع لأي زيادة على أسعار السلع والمحروقات، ورفض الاستمرار في تطبيق قانون الدفاع".
واتهمتهذه الأحزاب والقوى الحكومة الأردنية باستغلال جائحة كورونا لفرض قوانين الدفاع والتدابيرالاستثنائية، و"خلق مناخ سياسي واجتماعي ضاغط، ظاهرُه مكافحة الوباء وباطنه ردةإلى الوراء، واعتداء على هوامش الحرية الضيقة أصلا، ونيلٌ من حقوق البشر والمواطنين،وحرمانهم من حق الاجتماع والتجمع السلمي، وحقوق التظاهر والتعبير وإبداء الرأي".
وأثارتهذه الدعوة للتظاهر تساؤلات حول، وتوقيتها الذي جاء بعد تسليم اللجنة الملكية لتحديثالمنظومة السياسية، توصياتها للملك الأردني عبدالله الثاني مطلع الشهر الماضي، والتييؤمل مراقبون أن تحلحل حالة الانسداد السياسي التي تعاني منها البلاد، وفق قولهم.
واستدعتهذه "التظاهرة" أيضا التساؤل حول دلالات لجوء المعارضة إلى الشارع للاحتجاجعلى قانون الدفاع الذي يفرض "التباعد الجسدي" على المواطنين، وهل سيقف الحراكعند هذه الفعالية، أم أن ثمة خطوات تصعيدية أخرى؟ وإلى أين ستصل هذه الكرة إن تدحرجتبالفعل؟
"تظاهرة لا تظاهرات"
وأوضحالأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، أن حزبه "سيشارك في المسيرةالتي لم يكن هو المبادر إلى فكرتها، ولكنه متفق مع القوى الأخرى على أهمية التعبيرعن رفض الاستمرار بتفعيل قانون الدفاع".
وقاللـ"عربي21" إن هذه الفعالية لا تستلزم أن تتبعها خطوات تصعيدية أخرى،"فنحن توافقنا مع الآخرين على المشاركة في هذه التظاهرة فقط، ونحن لنا موقف مسبقرافض لاستمرار العمل بقانون الدفاع".
وحولدلالات التوقيت وعلاقته بمدى رضا القوى الداعية للتظاهر عن توصيات اللجنة الملكية لتحديثالمنظومة السياسية، اكتفى العضايلة بالإشارة إلى أن توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومةالسياسية غير كافية لتحقيق الإصلاح الشامل.
وأضاف:"رغم أهمية تحديث القوانين للأفضل، إلا أن الأهم من ذلك إيجاد مناخ سياسي يراعيالحريات العامة، ويرفع القبضة الأمنية، ودون ذلك فمن الصعب أن تنجز إصلاحا سياسيا حقيقيا".
وتعقيباعلى الحديث عن تعارض المسيرة مع قانون الدفاع الذي يفرض التباعد وارتداء الكمامات؛بيّن العضايلة أن فكرة الاحتجاج ناتجة أصلاً عن التوظيف السياسي لهذا القانون، والذييُسمح بخرقه لأشخاص دون آخرين، متسائلا: "وهل بقي من قانون الدفاع شيء بعد الحفلاتالتي حضرها الآلاف بإشراف حكومي، ودون الالتزام بإجراءات الوقاية الصحية؟".
وكانالتزاحم الشديد الذي شهده "مهرجان جرش للثقافة والفنون" مؤخراً، وحفلتينمنفصلتين للمطربين عمرو دياب وتامر حسني، قد أثار موجة من ردود الفعل الغاضبة في الشارعالأردني، الذي انتقد "انتقائية" الحكومة في تطبيق قانون الدفاع الذي يلزمالمواطنين بالتباعد الجسدي خشية انتقال عدوى "كورونا".
"مطلبنخبوي"
ويرىمراقبون أن هذه "التظاهرة" لا تشكل داعيا للقلق بالنسبة للحكومة؛ لأن القائمينعليها مؤسسات سياسية يمكن الضغط عليها، والوصول معها إلى تفاهمات توقف كرة الحراك عنالدوران، وفق قولهم.
ويرجحمدير عام مركز الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية، عمر الرداد، أن من المبكر القولإن الحراك الشعبي في الأردن بصدد العودة الى الشارع، "رغم أن شعبية الحكومة لدىالرأي العام في انخفاض مستمر، وهو ما تؤكده مراكز الاستطلاع الأردنية المستقلة والحكومية".
واستدركبالقول لـ"عربي21" إن "ما لا تبرزه تلك الاستطلاعات؛ هو أن هذا الرأيالعام ينظر بالمستوى نفسه إلى قوى المعارضة، باعتبارها قريبة أو تحاول الاقتراب منالحكومات وعقد الصفقات معها، رغم خطابها الإعلامي الذي يوجه انتقادات للسياسات الاقتصاديةدون أفعال حقيقية".
واستبعدالرداد أن تتجاوز "تظاهرة الجمعة التعبير عن حالة رمزية من حيث حجم المشاركة فيها،لا سيما وأن أبرز أحزاب المعارضة المنظمة لها، وهو جبهة العمل الإسلامي، مشارك في اللجنةالملكية للإصلاح، ولم يبدِ مندوبوه فيها أية اعتراضات ذات دلالة، بل إن بعض توصياتاللجنة حول قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية؛ كان لأعضائه إسهامات واضحة في إنجازها".
ولفتإلى أنه "رغم أن استمرار قانون الدفاع موضع تساؤلات في ظل نجاح الحكومة باحتواءتداعيات جائحة كورنا، والانفتاح الاقتصادي الذي يشهده الأردن منذ أشهر؛ إلا أن التركيزعلى القضايا المعيشية لدى معظم الأردنيين يتقدم على مطلب وقف العمل بهذا القانون، والذييبدو مطلبا نخبويا مرتبطا بسجالات بين الحكومة وأحزاب معارضة".
"رسالةموجهة لصاحب القرار"
من جهته؛قال المختص في علم الاجتماع السياسي، فيليب مدانات، إن هذه التظاهرة قد تكون التقاطةذكية من قبل منظميها الممثلين لطيف سياسي واسع، ورسالة موجهة لصاحب القرار؛ مفادهاأن مسار الحاكمية ليس بالرشيد.
ورأىمدانات خلال حديثه لـ"عربي21" أن "الوقت مبكر للحكم بكون التظاهرة بدايةلحراك متواصل للمعارضة في الشارع، أو أنها مجرد حركة مفردة".
وأضافأن "الملك عبدالله حقق اختراقا سياسيا على المستوى الإقليمي مؤخراً، والناس بانتظارنتائج هذا الاختراق محليا، بالإضافة إلى امتحان جدية الدولة في تطبيق مخرجات لجنة التحديثالملكية، وإن كانت ثقة الناس بها منخفضة أصلا".
وكانالعاهل الأردني قد وافق في 17 آذار/ مارس 2020، على إعلان العمل بقانون الدفاع رقم13 لسنة 1992، الذي يتم تفعيله في أوقات الحروب والكوارث، والذي يمنح الحكومة صلاحياتواسعة تصل إلى تعطيل القوانين، ووضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة.ومنذ ذلك التاريخ؛ أصدرت الحكومة الأردنية 34 أمر دفاع و50 بلاغا مستندا إلى أوامرالدفاع.
والأحد؛رفعت وزارة الطاقة الأردنية أسعار البنزين للمرة الثامنة منذ بداية العام، بنسب وصلتإلى 1.2 بالمئة، فيما قررت تثبيت سعر الديزل والكاز، مع الإبقاء على سعر أسطوانة الغازعند سعر 7 دنانير/أسطوانة "للتخفيف على الشرائح الأقل دخلاً، وتماشياً مع الأوضاعالاقتصادية المحلية" وفق تعبيرها.
وتجدرالإشارة إلى أن مراسل "عربي21" حاول التواصل مع المهندس سفيان التل، المنسقالعام لحركة "تغيير" صاحبة الفكرة في تنظيم "التظاهرة" ولكن دونرد.
اقرأ أيضا: وقفة احتجاجية بالأردن تضامنا مع ناشط شكا عليه رئيس الحكومة
مزيد من التفاصيل