تحدث رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيليالأسبق، إيهود باراك، عن "الخطر الإيراني" المتدحرج في الشأن النووي، محذرامن انهيار منظومة منع انتشار السلاح النووي، وهذا هو "الخطر الحقيقي".
وتصاعدت مؤخرا التهديدات الإسرائيليةضد إيران، بالتزامن مع بدء الجولة السابعة لمفاوضات النووي بين إيران والدول العظمى، التي وصلت درجة مطالبة رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت واشنطن بوقف هذه المفاوضاتفورا.
قصور وإهمال
"أين تقف إسرائيل من الموضوع الإيراني؟"، سؤال طرحه إيهودباراك في المقال الافتتاح لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، وقال: "كانبينيت محقا في شكواه من الفجوة بين الخطاب وانعدام الفعل التي وجدها في الموضوع الإيرانيحين وصل لمكتب رئيس الوزراء".
ورأى أن السياسية الإسرائيليةحيال إيران منذ 2015، "هي إفلاس له عنوان ومسؤول، حملت قصورا وإهمالا سائبا ووهما ذاتيا خطيرا"، منوها بأن رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو، "بعدالاتفاق الذي وقع في 2015، اختار الصدام مع إدارة باراك أوباما بشكل غير مسبوق، وفوتفرصة ذهبية لتمكين إسرائيلي غير مسبوق، وتسلح بوسائل ستتيح لها عملا مستقلا ضد النوويالإيراني".
ولفت رئيس وزراء الاحتلال، إلىأنه "في خطوة هاذية عام 2018، حث نتنياهو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامبعلى الخروج من الاتفاق، ما سمح للإيرانيين بركض متسارع نحو "دولة حافة نووية"، بزعم خرق أمريكا للاتفاق، والأخطر من ذلك، في الحالتين، لم يعمل نتنياهو على إعدادخطة "ب" إسرائيلية- أمريكية في شكل عمل عسكري موضعي يعيد الإيرانيين سنواتإلى الوراء".
وأكد أن "إيران خصم مريريعمل على تحقيق أهدافه، لكن الفشل هو مسؤولية نتنياهو، وتتضح خطورة القصور حين نفهمأن إعداد الخيار العسكري لإرجاء حقيقي للبرنامج النووي مطلوب منذ عدة سنوات، وبمساعدةمكثفة من واشنطن"، مضيفا: "في مدى بضعة أشهر، يمكن للإيرانيين أن يصبحوادولة حافة نووية، وعندها لن يكون ممكنا منعها من الوصول إلى سلاح نووي في الوقت الذيتختاره".
اقرأ أيضا: قلق إسرائيلي من غياب خطة أمريكية لمواجهة النووي الإيراني
وقال: "هذا واقع جديد،يستوجب تقويما ذكيا، قرارات وأفعالا، وليس مجرد تهديدات متبجحة فارغة"، متوقعا أن"تراوح المفاوضات مكانها، ما يتيح لإيران الزحف نحو دولة حافة نووية"، مقدراأنه "ليس من مصلحة الإيرانيين السير نحو هذه الحافة، ما يسمح لهم بأن يتمتعوا بإنجازاتهم،دون أن يضطروا للاعتراف بخرق ميثاق منع انتشار السلاح النووي الذي وقعوا عليه، وهكذايدفعون متصدري الميثاق للعمل ضدهم مرة أخرى بواسطة العقوبات".
قوة نووية حقيقية
وتابع: "حتى لو أصبحن إيراندولة حافة، عندما يجمعون ما يكفي من المادة المشعة لمستوى 90 في المئة لـ 1-3 سلاحنووي، سيحتاجون لنحو عامين كي ينتجوا اليورانيوم المعدني ويبنوا السلاح، ولكن"الحافة" عرفت لأن استمرار التخصيب لدرجة 90 في المئة وعمل "مجموعةالسلاح"، قابل بسهولة للإخفاء، ومنذ اللحظة التي يتم فيها تجاوز تلك الحافة، لاتكون لمراقبي الأمم المتحدة القدرة للتأكد من أن إيران لا تتقدم سرا لقوة نووية حقيقية".
وذكر أن التجربة السابقة معباكستان وكوريا الشمالية "أثبتت أنه في حالة محاولة الإخفاء المقصود وعندما يرفعالستار في النهاية، تكون الدولة قد قطعت شوطا متقدما جدا عن التقديرات المسبقة"،مضيفا: "إيران لا تسعى إلى سلاح نووي كي تلقي قنبلة على الولايات المتحدة أو إسرائيل،فهم ليسوا أغبياء، إيران مثلها كمثل كوريا الشمالية، تريد أن تبقى وتؤثر على ما يحصلفي المنطقة وفي محيطها، ولكن لا تريد أن تعود إلى العصر الحجري".
وبيّن باراك أن "إيرانإذا ما وصلت لتكون دولة حافة، ستتمتع بمكانة إقليمية وعالمية محسنة، منيعة على التدخلالعسكري الخارجي لإسقاط النظام، وبحرية عمل مضاعفة للعمل في كل المنطقة، وهي ستعد كمنحققت توازنا استراتيجيا مع إسرائيل، وستتمتع بصورة من استفزت وفرضت إرادتها على العالم".
ونبه إلى أن "إيران تتحدث عنإسرائيل بتعابير ظاهرة ليست طبيعية، حكمها أن تختفي تحت الضغط الشامل للمقاومة"،مشددا على أهمية "عدم الاستخفاف بالقدرات الإيرانية، أو تطلعهم لأن يروا إسرائيلضعيفة، مهزومة وأخيرا مختفية عن الخريطة، ولكن لا ينبغي النسيان بأن إسرائيل ليست ضعيفة"،بحسب قوله.
وقدر أنه "توجد لإسرائيلفرص للتعاون مع بعض من الجيران، وبقدر ما نتصرف بحكمة سيكون تحت تصرفنا الإسناد الشاملللقوة الأقوى في العالم، وفضلا عن ذلك، منذ أكثر من خمسين سنة تعد إسرائيل في العالمقوة عظمى نووية".
وبين أن "الولايات المتحدة،توجه قوتها الجغرافية –السياسية من أجل التصدي للصين، وتخرج من التزامها بتواجد أوتدخل عسكري مادي في منطقتنا، وهذا ميل بدأ لدى أوباما، وتعاظم لدى ترامب، ونضج لخطواتعملية لدى بايدن، ولا احتمال لإقناع واشنطن بالتراجع عن سلم الأولويات هذا، أو أن تنفذهجوما قريبا على النووي الإيراني بهدف دفعه إلى الوراء عدة سنوات، كما ليس من الواضحأنه توجد للولايات المتحدة أو لإسرائيل الآن خطة قابلة للتنفيذ لهذا الهدف، وهذه هيخلاصة القصور التاريخي لنتنياهو".
التبجح الفارغ
ومع هذا، "يجب أن يستخلصمن الوضع الناشئ الحد الأقصى لإسرائيل"، بحسب رئيس الوزراء الذي أفاد بأن"الحاجة الإسرائيلية العاجلة هي تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة لتحديد أهدافمشتركة وسبل تحقيقها في وضع تكون فيه إيران دولة حافة، وليس خلافات داخلية واتهاماتمتبادلة مع الإدارة لا منفعة فيها، وهي تعكس حرجا وليس سياسة واعية مسنودة بقدرة عمل".
ومضى بحديثه: "وهذا يتضمنتوثيق التعاون الاستخباري، وبلورة توافقات على أوضاع وأحداث تستوجب ردا إسرائيليا أوأمريكيا، وإعداد خطط عمل ملموسة وجاهزة لحالة تحقق هذه الأوضاع حقا، وتنسيق المساعدةالمكثفة لإسرائيل بواسطة عمل ذاتي تجاه إيران عند الحاجة، وتسريع بناء المنظومة متعددةالطبقات للدفاع ضد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لإسرائيل، وحل مشكلة صواريخ الاعتراضالخاصة بـ"القبة الحديدية"، وتسريع تطوير الاعتراض الدفاعي والهجومي بواسطةالليزر ونشر "العصا السحرية" وبطاريات "حيتس" من الجيل التالي".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: هجوم عسكري على إيران سيقابل برد مدمر
ونوه إلى أنه "في ظروف الثقةالمتبادلة، ستكون الولايات المتحدة معنية بمثل هذا التنسيق، بالذات لأن تركيزها موجهللصين"، معتبرا أن "إيران نووية، أو حتى كدولة حافة، هو تغيير جذري سلبي علىوضعنا الاستراتيجي، لكنه لا يتضمن في المدى المنظور تهديدا وجوديا على إسرائيل، ولايتوقع لأي تطور أن يعفينا من المسؤولية عن مواصلة البحث عن كل سبيل لإحباط تحقيق هذهالأهداف الإيرانية، ولكن لا ينبغي أبدا فقدان القدرة على فهم الواقع، وعلينا أن ندركأن هناك ثمنا للقصور، وأقساها هو الإدمان على الأوهام والزعماء الذين يعيشون في عالمالأفلام".
وفي هذه المرحلة، "الخطرالأساس في وصول إيراني محتمل لدولة حافة، ليس لأن إسرائيل ستقف أمام خطر قنبلة نوويةتلقى عليها، ولكن الخطر الحقيقي، انهيار لا مرد له لنظام منع انتشار السلاح النووي"،بحسب باراك الذي لفت إلى أنه "في حالة إيران نووية، من المتوقع لتركيا، ومصر، والسعودية،أن تسعى لتصبح في غضون عقد نووية، وكل دكتاتور في العالم الثالث يرغب في ذلك، سيبنيلنفسه قدرة نووية".
وقال: "في الوضع الناشئ،والذي وصفه قبل سنوات في كتابه البروفيسور رام اليسون من "هارفرد"، بأنهسيظهر سلاحا نوويا بعد 20 أو 30 سنة، حتى وإن كان بدائيا، في يد منظمة متطرفة، ولهذهالحالات أيضا، وفي الأساس بما يتعلق بانتشار النووي في الشرق الأوسط، يجب الاستعدادسياسيا منذ اليوم".
وأكد باراك أن "التبجحالفارغ ليس هو الطريق الصحيح، هذه ليست سياسة، بل وصفة لإضعاف إسرائيل، وتقليص قدرة الردعوحرية العمل لديها، ونتوقع من حكومة التغيير (بينيت) أكثر".
مزيد من التفاصيل