تعيش
تونس على وقع رفض حزبي واسع وتنديد حقوقي غير مسبوق بالمحاكمات التي استهدفت نشطاء سياسيين معارضين للرئيس
قيس سعيّد، وتصاعدت وتيرة التنديد بإعلان الحكم الغيابي على الرئيس السابق المنصف المرزوقي مساء أمس الأربعاء.
وأصدرت أحزاب وائتلافات مدنية وسياسية بيانات منددة بما وصفته بالمحاكمات السياسية للمعارضين في تونس وتوجيه القضاء من قبل الرئيس سعيد لتصفية خصومه.
واعتبرت الأحزاب أن ما تعيش تونس على وقعه من محاكمات، أمر خطير يعكس تقهقر منظومة الحقوق والحريات التي جاءت بها الثورة ويضمنها الدستور.
ونددت أحزاب "التيار الديمقراطي"، و"الجمهوري"، و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، في بيان مشترك، اليوم الخميس "بتواصل الانتهاك الممنهج للحقوق والحريات عبر تواصل محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية والضغط على القضاء في محاولة لتسخيره للتنكيل بالخصوم السياسيين والتضييق عليهم، وشجبها للحكم بالسجن النافذ الصادر في حق الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي بتوجيه مباشر من رئيس السلطة القائمة، وفي سابقة خطيرة يتوجب الوقوف في وجهها قبل استفحالها".
كما استنكرت الأحزاب "تكرار مثول المدونين أمام المحاكم وإصدار أحكام سالبة للحرية في حقهم، وتعلن تضامنها مع السيدة مريم البريبري التي صدر في حقها حكم صادم بالسجن".
وعبر حزب ائتلاف الكرامة في بيان رسمي عن "تنديده الشديد بهذه المهزلة القضائية التي لم يعرف القضاء التونسي مثيلا لها في تاريخه"، كما عبر عن استنكاره" للتوظيف الفاضح للقضاء لتصفية الخصوم السياسيين للرئيس المنقلب".
وجاء في البيان نفسه أن "هذا الحكم الجائر حكم باطل وغير شرعي وصادر إثر الهرسلة التي تعرضت لها وزيرة العدل والنيابة العمومية في مجلس وزاري سابق طلب فيه الرئيس المنقلب صراحة التتبع القضائي ضد الرئيس المناضل محمد المنصف المرزوقي، مما يعد تدخلا واضحا وفاضحا في القضاء التونسي".
من جانبه، اعتبر حزب حراك الإرادة (الذي أسسه المرزوقي)، أن الحكم على المرزوقي "يمثل خطرا داهما على حريات جميع المواطنين واختراقا خطيرا للقضاء من طرف سلطة الانقلاب، وهو يدشن حقبة سوداء جديدة من المحاكمات السياسية".
واعتبرت مبادرة "توانسة من أجل الديمقراطية" التي تضم سياسيين ومحامين ونشطاء، في بيان لها، "أن الإيقافات والمحاكمات تعد سلسلة من المحاكمات السياسية التي يستخدمها سعيد لقمع معارضيه".
وأضاف البيان أن "هذه المحاكمات تنم عن رغبة سعيد في إسكات كل الأصوات الرافضة للانفراد بالسلطة وتعليقه الدستور وتعطيله المؤسسات الدستورية".
"تدخل صارخ" في عمل القضاء التونسي
أما الحقوقي والمحامي الحبيب بن سيدهم، فقد اعتبر، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن المحاكمات التي تستهدف نشطاء سياسيين ومدونين ونشطاء في المجتمع المدني بسبب معارضتهم للرئيس سعيد وبسبب آرائهم ومواقفهم هي "ضرب لحرية التعبير وللحقوق والحريات وتدخل صارخ في عمل القضاء".
ونبه بن سيدهم إلى خطورة الوضع الحقوقي والسياسي "بسبب تواصل المحاكمات العسكرية والمحاكمات السياسية لعدد من نواب ائتلاف الكرامة ولمعارضين، الذين اعتصموا في شارع الحبيب بورقيبة للتعبير عن موقفهم الرافض للانقلاب".
وأشار إلى أن" أحكاما غيابية وأحكاما جناحية بالسجن وإيقافات تلاحق معارضين"، وأنه" تم إطلاق سراح ثلاثة نشطاء بالأمس وسجن ثلاثة آخرين بتهم الاعتداء بالعنف من بين موقوفي اعتصام 17 ديسمبر، وستكون جلسة محاكمتهم يوم 29 ديسمبر المقبل، ويتزامن ذلك مع إعلان فضيحة الحكم بأربع سنوات على المرزوقي...".
بدوره، رأى المدير التنفيذي لحزب أمل وعضو تنفيذية "مواطنون ضد الانقلاب"، رضا بلحاج، أن "كل هذه الممارسات تثبت أن قيس سعيد ماضٍ في تركيز دكتاتورية بحكم فردي مطلق".
مزيد من التفاصيل