حماس تخدع نفسها
د .ابراهيم الحمامي
إلى من توجه حماس نداءتها؟ وممن تنتظر الاستجابة؟ بصراحة شديدة أصبحت البيانات المتتالية بلا معنى أو مغزى، أصبحت مكررة بل ومملة، كلمات وعبارات ومناشدات لمشاركين في الجرائم، وعلى الأرض تستمر حملات الاستئصال، وبعد هذا وذاك يتحدثون عن حوار.
اليوم ومع اشتداد الحملة التي يقودها الفلسطيني القذر/الفلسطيني الجديد المجرد من كل احساس وشرف ووطنية وانتماء، التابع الذليل والمؤتمر بأوامر أسياده، الذي أبدى استعداده لاطلاق النار على أخيه وابن عمه – وقد فعل ويفعل، والذي قال أن الأوامر مشددة وصارمة بعدم اطلاق رصاصة واحدة على جنود الاحتلال وقطعان مستوطنيه – وقد التزم، مع اشتداد تلك الحملة وصلني بيان تناشد فيه حركة حماس مصر والفصائل وفتح بتحديد موقفها، وتقول فيه: "نطالب الشقيقة مصر بموقف صريح وواضح مما يحدث في الضفة الغربية ، و التدخل الفوري لوقف هذه المجزرة، ونطالب الفصائل الفلسطينية بالخروج عن صمتها ، ونطالب حركة فتح بتوضيح موقفها من هذه الجرائم التي تحدث باسمها ، ونطالب الهيئات الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني بضرورة التحرك ووقف نزيف الدم الذي يسيل في الضفة الغربية على يد أجهزة عباس – دايتون!".
المواقف واضحة وضوح الشمس: مصر الرسمية تشارك في حصار وقتل شعبنا في غزة، ودربت من يقومون بالجرائم في الضفة، وتحتضن حثالات شعبنا ممن تطهرت منهم غزة، وتلتزم الصمت المقصود حول جرائم الضفة، أما الفصائل الفلسطينية اللامحترمة فقد حددت موقفها في بيان أقل احتراماً منها أصدرته بالأمس بعد اجتماع فاقد للشرعية والنصاب والأخلاق وقالت فيه نصاً في الفقرة الثالثة من بيانها:
تؤكد اللجنة التنفيذية على رفضها التام للأحداث التي وقعت في مدينة قلقيلية من خلال اعتداء جماعات خارجة على القانون على قوات الأمن الوطني الفلسطيني الباسلة، من أبناء شعبنا وبناته والتي تمثل درع الوطن وسياجه لحماية امن شعبنا وتحقيق النظام العام، بما يخدم توجيه كل الطاقات لمقاومة سياسة الاحتلال ونهجه وانتهاكات المستوطنين وعربدتهم، لذا ترحب اللجنة التنفيذية ومن أجل منع هذه الإعمال كليا، بقيام لجنة من شخصيات وطنية بالتحقيق وكشف كل تفاصيل هذا الاعتداء ودوافعه وتقدم اللجنة التنفيذية لعائلات شهداء الأمن الوطني ورفاقهم من جنود وضباط قوات أمننا الباسلة الذين وقعوا ضحية هذا الاعتداء وبفعل كمين مدبر أعدت له تلك الجماعات الخارجة على القانون وعلى مصالح شعبنا الأساسية.
وتستنكر اللجنة التنفيذية قيام أبواق إعلامية معروفة بعملية تهييج وتحريض هوجاء انطلاقا من هذا الاعتداء على قوات الأمن الوطني، وسعي تلك الأبواق لقلب الحقائق، وذلك في إطار سياسة استمرت طويلا للتعبئة ضد مشروعنا الوطني ومؤسساتنا الوطنية التي أقامها شعبنا ويحميها بدمه وعرقه وجهده من سعي الاحتلال طوال سنوات بتدميرها وتعطيل نموها ودورها.
وتؤكد اللجنة التنفيذية على أن واجب جميع القوى وخاصة حركة حماس أن لا تلعب دور المخلب الذي يخدم أهداف الاحتلال في نشر الاحتلال في نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار الداخلي والتخريب على الأمن والنظام العام داخل شعبنا ومجتمعنا.
وسوف تواصل سلطتنا الوطنية وبحماية شعبنا بأسره في إغلاق كل المنافذ التي يحاول الذين يريدون المساس بمصالح الشعب واستقراره وفق القانون واستنادا إلى الدور الوطني لمؤسساتنا الأمنية والمدنية والقضائية – انتهى بيانهم أخزاهم الله دنيا وآخرة!
هذه هي المواقف التي تنتظرها وتعرفها وتحفظها حركة حماس عن ظهر قلب، والتي لم ولن تتغير، وهذه هي نتائج الحوار المنشود، دماء تسيل في الضفة الغربية ارضاءً للمحتل، وبوقاحة منقطعة النظير، وبتباهي بهذا الدور القذر.
مرة ثانية وثالثة وعاشرة نتساءل: هل خُذل أهلنا في الضفة وتركوا لمصيرهم المحتوم برصاص الاحتلال وأذناب الاحتلال؟ هل عليهم أن يعدوا ضحايا الاحتلالين دون أن يكون هناك ولو موقف سياسي واضح يرفض الجلوس ومحاورة القتلة والمجرمين؟
ان الخشية من تحمل نتيجة فشل الحوار غير مبررة لأنه فاشل فعلاً وتطبيقاً، ألم تتفق الأطراف على اطلاق سراح المعتقلين السياسيين في الجولة الثانية؟ ما الذي حدث زاد عددهم من 400 إلى قرابة الألف، وتطور الأمر إلى التصفية الجسدية.
ربما هي الخشية من زيادة الشرخ وخسارة الوحدة الوطنية، تباً للوحدة الوطنية ان كان ثمنها الدم الفلسطيني الذي ينزف برصاص عميل، وتباً للوحدة الوطنية ان كانت تعني تشريع الاجرام والسكوت عنه واعطاء العملاء فرصة للتمادي في جرائمهم.
حركة حماس وباختصار تخدع نفسها ان ظنت ولو للحظة أن هناك أمل في هؤلاء الفلسطينيين الجدد، البائعون لضمائرهم وشرفهم وأخلاقهم واحساسهم حتى غير الآدمي، والتمسك بحوار فاشل مع المجرمين وما يعنيه من استمرار للحصار، وتمكين لهم لاستكمال مخططهم تحت مظلة الحوار والحرص على الوحدة الوطنية، وهو بالضبط ما يحدث اليوم في قلقيلية بعد أن اطمأنت أجهزة القمع والعمالة أن ردة الفعل لن تتجاوز "التمسك بالحوار"، أو في أفضل الأحوال "التفكير جدياً بتعليقه".
ليس المطلوب حسماً عسكرياً كما يظن البعض، الظروف غير الظروف، والجغرافيا غير الجغرافيا، وهذا يعرفه الجميع ويعيه، لكن أضعف الايمان تحرك وموقف سياسي واضح وحاسم، مع تحرك شعبي وجماهيري واسع، ولا نظن أن من استطاع أن يحرك 80 الف في طولكرم، و100 ألف في الخليل، وعشرات الآلاف في المدن الأخرى في ذكرى انطلاقته العشرين، يعجز عن فرض عصيان مدني شامل في الضفة، وهذا أقل ما يمكن.
لقد بلغ السيل الزبى وباتت العمالة والخيانة أوضح من عين الشمس، بل باتت عندهم شرفاً يستحق الأوسمة والنياشين، وما زلنا نحلم بالحوار والمصالحة والوحدة الوطنية!
لكم الله يا أهلنا المنكوبين باحتلالين في الضفة الغربية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.