- هل يوجد قناة أخرى لهذا التفاوض؟
حتى الآن، لا توجد قناة. هناك محاولات إسرائيلية، لكن نحن لم نستقر بعد لا على قناة ولا على آلية محددة، لأننا لا نزال نصرّ على مطالبنا، وأهم هذه المطالب أن تفرج إسرائيل عن أكثر من خمسين أسيرا ممّن أعادت اعتقالهم من أسرى محرري صفقة شاليط. وقبل أن تفرج عنهم، لا حديث عن مفاوضات جديدة لتبادل الأسرى.
- عاشت "حماس" لحظة صعبة بعد عدوان العام الماضي على الرغم من أنّها حقّقت معجزة كبيرة بالصمود والتصدي لإسرائيل، وبدت في لحظة من اللحظات وكأنها محاصرة. الآن بعد عام على العدوان، يبدو أنّ الأمور انفرجت تماماً، انفرجت العلاقة مع السعودية ومصر، وهناك دعوة إلى موسكو ويوجد تغيّر في المنطقة بعد الاتفاق النووي الإيراني، هل يمكنكم توضيح هذه النقاط؟
أولاً، في ما يخصّ الفترة الماضية، لم تكن الظروف صعبة على "حماس" وحدها. مرّت سنوات صعبة على دول وكيانات، بل هناك دول عالمية تضرّرت بفعل كثير من التطورات الإقليمية والدولية. فمن الطبيعي أنّ حركة مثل "حماس" ستتأثّر، وقد تأثرنا بالفعل. الآن، لا نستطيع القول إنّ هناك انفراجاً كاملاً، إنما هناك بدايات جيدة و"حماس" تتلمّس طريقها على قاعدة، كيف نخدم شعبنا، كيف نكسر الحصار عن قضيتنا وشعبنا، كيف نستجمع مزيداً من أوراق القوة ومزيداً من المؤيدين والأنصار والدعم لصالح قضيتنا الفلسطينية. هذه بوصلتنا، هذا هو ما نركّز عليه.
طبعاً تفاعلنا مع أمتنا وتمنياتنا دائماً لها بالخير. نحن جزء من هذه الأمة العربية والإسلامية العظيمة. ثانياً، لا شكّ أنّ المتغيّرات التي جرت في الفترة الماضية القليلة في مسألة الاتفاق النووي مع إيران، تمثّل تطوراً مهمّاً وله انعكاسات على الإقليم. هناك الأزمات المتفجرة في العراق وسورية واليمن. هناك أوضاع غير مستقرة في كثير من البلاد العربية والإسلامية. وبالتالي، هذه هي بيئتنا، وهذا هو الإقليم الذي نحن جزء منه، فنحن نتأثر به. لذلك نتمنى الخير للأمة، وبقدر ما تكون الأمة متعافية بقدر ما يخدم هذا قضية فلسطين وقضية القدس ومشروعنا الوطني وتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية. بالتالي، نحن نسعى للبحث عن فرص وعن كل ما يخدم قضيتنا في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها.
- كيف تصفون العلاقة مع السعودية ومصر؟
العلاقة مع السعودية علاقة قديمة، لكن ككل العلاقات تمرّ في ظروف مختلفة. لكن الحمد لله، كانت لنا زيارة هامة للمملكة في أواخر رمضان، وكانت هناك بعض الالتباسات التي تمت معالجتها، ولا نزال نعالجها واتفقنا على بداية استئناف صفحة جديدة تتضمن التفاهم والوضوح والشفافية، بما يخدم المصلحة الفلسطينية والمصلحة العربية والإسلامية. كذلك بالنسبة لمصر، كما تعلم أنّ مصر هي الجار الأقرب لفلسطين ولغزة بشكل خاص، وكانت الراعية لكثير من المسائل الفلسطينية المتعلقة بالمصالحة وصفقة تبادل الأسرى واتفاقات وقف إطلاق النار مع الاحتلال. وبالتالي، هناك تفاعل استثنائي بين فلسطين ومصر تاريخياً وحاضراً.
مصر هي الجار الأقرب لفلسطين ولغزة بشكل خاص، وكانت الراعية لكثير من المسائل الفلسطينية المتعلقة بالمصالحة وصفقة تبادل الأسرى لكن في السنتين الأخيرتين، كانت هناك أجواء غير طبيعية، إذ اتُّهمت "حماس" بمسائل غير صحيحة، بأنها تتدخل في الشأن المصري، وثبت للجميع أن "حماس" لم تتدخل. هناك بداية تحسّن في العلاقة، ونحن حريصون على العلاقة مع مصر باعتبارها الجار لفلسطين والشقيقة الكبرى وحريصون على أن تكون علاقتنا مع مصر ومع كل الدول العربية علاقات طبيعية وجيدة لمصلحة فلسطين ولمصلحة الأمن القومي العربي وللمصلحة العربية بشكل عام.
- هل تعتقد أنّ أزمة "الأونروا" مالية أم سياسية؟
أقلقنا هذا الأمر في الفترة الماضية بشدة، لخشيتنا ليس فقط على مصالح اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة ومخيمات الشتات في دول الطوق، بل لأننا خشينا أن تكون هناك أبعاد سياسية وراء الموضوع، وأن يكون هناك جزء من التدرّج لتصفية حق العودة. ونحن مصرّون على حق العودة وحق الشعب الفلسطيني وأن يعيش حياة كريمة حيث يوجد إلى أن تتيسّر له العودة إلى أرضه ووطنه الذي شُرّد منه. أجرينا اتصالات مع عدد من الدول العربية والإسلامية، وطرحنا هذا مع المبعوثين الدوليين الذين نلتقيهم، وهناك غضب فلسطيني ومطالبة فلسطينية بضرورة حل مشكلة "الأونروا".
فإذا كانت المسألة مادية، لن يعجزوا عن توفير عشرات الملايين من أجل هؤلاء اللاجئين لتعليمهم ورعاية صحتهم، وتأمين كل احتياجاتهم. هناك بعض الدول وعدت بأن تتحرك وهناك بعض الدول مشكورة، قدّمت مبالغ من المال لحل هذه الأزمة، ونتمنى أن تنتهي الأزمة سريعاً. لا يقنعنا أن القدرة الإقليمية والدولية المالية تعجز عن حل مشكلة هؤلاء اللاجئين الذين هم ضحايا للاحتلال وضحايا للتواطؤ الدولي المعروف تاريخياً في الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. على العكس، هذه مسؤولية المجتمع الدولي أخلاقياً وسياسياً. فالمال ليس عقبة ولا أحد يقتنع أنه أمر يتعذّر على "الأونروا"، وأنها تعجز عن الإيفاء بالتزاماتها. أما البعد السياسي، بالنسبة لنا، هذا موضوع غير قابل للمساومة. حق العودة حق أصيل وثابت بالمفهوم الوطني العام وبالحق الفردي لكل فلسطيني شُرّد عن أهله وأرضه ووطنه.
- هل تَحَدّد موعد زيارة روسيا؟
كلا، بعد اللقاء مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في الدوحة، قدّم لنا دعوة كريمة لزيارة موسكو، استجبنا لها وننتظر ترتيب الموعد، إن شاء الله في أقرب فرصة.
- برأيك، هل هناك مخرج في وسط هذا الدمار والقتل في سورية؟
لستُ في موضع أن أقدّم تقديراً سياسياً، لأن الموضوع شائك والمسألة أبعد من مجرد تقدير. المطلوب مضاعفة الجهود، وأن تكون أكثر جدية لحلّ الأزمة السورية، ونتمنى أن تُحلّ بعيداً عن الدماء وبعيداً عن هذا الصراع والاستقطاب الطائفي الكبير في المنطقة نتيجة ما يجري في سورية والعراق واليمن، وأن يحل على قاعدة تلبي حقوق الشعب السوري، فحقوق الشعوب هي الأساس. الشعوب تريد استقراراً، تريد حرية، تريد وحدة وطنية، تريد إصلاحاً في كل شوؤنها، في إطار الوطن الواحد. ونتمنى أن يتحقق ذلك، لكل مكونات الشعب السوري بعيداً عن التقسيمات المختلفة، وأن يكون هناك استقرار لصالح الجميع. نحن نريد أمة موحّدة، أمّة مستقرة، أمّة متعافية، أن يتفرّغ الجميع لقضايا التنمية والتقدم والازدهار لصالح المنطقة والشعوب وتعزيز دور الأمة إقليمياً ودولياً من ناحية، والتصدي لحل الأزمات الخارجية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي هي قلب الأمة، من ناحية أخرى.
- كيف تصفون العلاقة مع إيران؟
بالنسبة لإيران، لدينا علاقة تاريخية مع إيران. هذه العلاقة لا تزال موجودة، لكنّها تأثّرت في السنوات الأخيرة بفعل الخلاف على موضوع الأزمة السورية. لكن نحن معنيّون بعلاقة جيدة مع كل دولنا العربية والإسلامية لصالح قضيتنا الفلسطينية، ونطلب من الجميع ألّا يديروا علاقاتهم على أساس هذا الصراع. صراع تضارب المصالح الممتزج بالأبعاد الطائفية والمذهبية. وهذا يتطلّب من عقلاء الأمة أن يعالجوا ذلك بروح رياضية تحقق مصلحة الجميع من دون أن يطغى أحدٌ على أحد.
نحن نستطيع كأمة عربية إسلامية أن نحفظ مصالح الجميع واستقرار الجميع. لا أحد يتدخل في شؤون الآخر، ونحفظ حدود بعضنا ومصالح بعضنا من دون أن نحتاج إلى الآخرين، وهذا هو المطلوب. من حق الأمة العربية أن تحرص على أمنها القومي وعلى مصالحها. ومن حق الدول الإسلامية أن تسعى إلى تأمين مصالحها لكن من دون أن يطغى أحدٌ على أحد، أن تكون المصلحة مشتركة للأمة وأن نحل أزماتنا بعيداً عن هذه الاستقطابات، وهذه الدماء، وهذا التجاهل لمصالح الشعوب وحقوقها.